الأرشيف الشهري: فيفري 2025

من ذاكرتنا الوطنية ـ كتب : عبدالله خليفة

نحن حبات البذار ـ كتب : عبدالله خليفة

تداخلات جبهة التحرير والمنبر الديمقراطي – كتب : عبدالله خليفة

في الطريق إلى المهرجان
صور من الجريدة الرسمية اسم عبدالله خليفة  المؤسسين رقم 77

صور بخط يد عبدالله خليفة واضع برنامج المنبر التقدمي

تقدير تاريخ اليسار  – كتب: عبدالله خليفة



لا تريد قواعد اليسار والقوى التحديثية الديمقراطية سوى إحترام تاريخ اليسار ونضالاته وتضحياته.
علينا أن نكون في منتهى الحذر والحرص في هذه السنوات الدقيقة، التي تتبدل فيها ألعاب السياسة، وتهيمن فيها القوى الحكومية والدينية على مسرح السياسة بما يفيدها ويقوي مواقفها في صراع لا آفاق فيه، ولا يعزز تطور بلدنا.
مرحلة تحتاج منا إلى ضبط أعصاب سياسية ورؤية المستقبل، ولا أن تستهين بعض القيادات بمستوى هذه القواعد، التي ضحت طوال عقود، وهي ليست سوى ممثلة بسيطة لأجيال من المناضلين منذ أن تكونت الحياة السياسية الحديثة في البحرين.
لقد تم تغيير اسماء المنظمات وأشكال وجودها ولم يعترض أحد، ثقة بالعائدين والحضور الفضفاض، أملاً في تطور نضالي مستقل عن الجهتين الحكومية والدينية.
وسكتت هذه القواعد عن أشياء عديدة من تحالفات غير ممثلة لتاريخه ومن تفرد ومن فوائد شخصية وغيرها.

ما تطلبه هذه الأصوات هو فقط إحترام تاريخ هذا اليسار وعدم التلاعب به، وأن ينأى بنفسه عن المجريين الحكومي والديني، وأن يشقَ طريقه بإستقلال، وبنمو إنتاجه الفكري إستعادة لتاريخهِ بشكلٍ نقدي، وأن يعيدَ نتاجاته وأعماله الفكرية، وأن ينظر لها كتاريخ ليس كله إنجازات وبطولات ففيه أخطاء، ويجب درسه بتمعن وموضوعية.
إننا أكبر من أن ندخل في لعب سياسي وتوظيف أنفسنا لخدمة هذا الطرف أو ذاك، أو لكي نحصل من هذا الطرف أو ذاك على مقعد، وليست علاقتنا النضالية سوى مع هذا الشعب، تبصيراً بطرقِ الحياةِ المستقبلية التي لا يعرفُ دروبَها الصعبة مع هؤلاء، ويتضررُ أشد التضرر بمفاجآتها وهواتها العميقة.

وأن نحافظ على صوتنا في قول كلمة الحق، لا نسمح لأحدٍ أن يشتريه من أجل مقعد في مجلس شورى أو في برلمان!
إن تجمدَ أبصار اليسار هو عمى للوطن كله، لأن اليسارَ لا يسعى للكراسي والأرباح، بل يسعى لتطور الوطن وخدمة الشعب بدون مصلحة وبدون الرغبة في الحصول على النفوذ والإمتيازات كما يفعل غيره!
حين يعطونك مالاً أو أشياء مادية وكراسي في البرلمان الذي تعجز عنه في ديمقراطية متكاملة، إنما يريدون إخراسَ صوتك، وأن تبلع لسانك عن نقد الأخطاء، ويجب أن تكون مثل هذه الحقوق المادية الثمينة عن طريق البرلمان أو عن طريق جهاتٍ مستقلة مسؤولة عن إصلاح وطني شامل، ترضي عنها مختلف الجهات المتضررة من التاريخ السابق بشرط أن تكون هي نفسها غير مُضرةٍ لآخرين محطمة لوجودهم البشري ولمصالحهم المادية.
أما أن تُرضى أنت فقط دون المواطنين فمعناه إنك مميز مستقل فوق القانون وفوق الشعب!
وتكون قد دخلت في مصيدةِ السكوت وعدم القدرة على النقد، فدعْ غيركَ يواصلُ الطريقَ ما دامت أنت عجزت عنه!
في هذا الزمن لا يستطيع اليسارُ أن يكون لنفسهِ سياسةً ممكنة التنفيذ وواضحة المعالم، فهذه تحتاج لسنوات طيولة قادمة، حين تتسع قواعده، وتنضج رؤيته، وتتجذر قواعد الديمقراطية في صفوفه وفي المجتمع.
وأي مرشح للمجلس النيابي من اليسار عليه أن يشير لمثل هذه الصعوبات، وكونه مجرد جندي في ظروف صعبة مع كتل لها برامج غامضة، مشحونة بالمواقف المذهبية اليمينية، التي تمزقُ البلدَ، ومع وزارات حكومية صعبة تجمد أعمال البرلمان، وإن اليسار يعمل في ظروف إستثنائية بين كل هذه الفرق وذلك من أجل أن يعرف الناس الحقيقة وأن لا يُعودوا بوعود كاذبة. فلنحقق قواعد صلبة منذ الآن!
أما الصمت على أخطاء الفريقين الحكومي والديني فهو مضر بمستقبل اليسار، ودون أن تكون لنا الجرأة في توضيح كل هذه المشكلات، وكسب الأنصار الجدد، وتوسيع رقعة اليسار، فيكون الأمر مضيعة للوقت والسير على خطى الآخرين في كسب الأموال!
والأمر ليس كذلك مغامرات ومهاجمات للحكومة وطفولية، بل كسب مواقع حقيقية وخلق إصلاحات، بالتعاون مع الكتل الأخرى، دون الإنزلاق لمواقفها المذهبية.

(التحرير) تبقى عالياً ومضيئــــــةً


لم يكن نادياً أو حلقة ثرثرة!
لم يكن تنظيماً للوجاهة والتجارة!
كان جدولاً صغيراً يجمع طاقات العقل والنضال والتغيير، في بذور صغيرة، وحلقات محدودة وسط بحر من اليأس والجهل والبحث والعذاب.
كانت نفس الخنادق المتعادية، ونفس الجهاز الواقف فوق جبل من العذابات والاستغلال، يكون فساده الخاص، وحياته المرفهة، وخططه التي تمشي فوق عظام البشر وأحلامهم!
وكان أصدقاؤنا في النضال المشترك هم أكثر الناس منافسة لنا وتقزيماً لحضورنا وهدماً لأفكارنا، لكن أفكارنا ليست هوىً شخصياً أو لعبة نتسلى بها، تاركين آباءنا في جبل بابكو يحترقون وسط الزيت المشتعل، وأمهاتنا يتمزقن بين تسفيط السمك واحتراق الأكواخ!
كانت أفكارنا السياسية الموضوعية الصغيرة ثمينة وعظيمة وسط التخبط السياسي وروح المغامرات التي تقوم بها ثللٌ من المراهقين والعفويين، الذين يريدون تغيير الخليج المصفح، بالنار، أو الذين يربطوننا بأجسامِ دولٍ أخرى كبيرة، ويقترحون مشروعات سياسية بين ليلة وضحاها، دافعين بحشود من الشباب إلى اعترافات السجون واليأس والضياع الاجتماعي!
تنظيمات هلامية تنشأ ولا تعبأ بالنصائح، تنطلق فقط من روح منافسة طفولية، وكأن(التحرير) هي فقط العقبة الكؤود أمام هذا الوطن لكي ينطلق، وليست هي كما هي حجر الزاوية الذي رفضه البناؤون، ولكنه لم يترك البناء وأقام معمار الوعي الطبقي، وأسس عمارة العقل الوطني المناضل!
وفي كلِ عاصفةٍ سياسية، وحين يترنح المركبُ البحريني في بحر الخليج المتقلب المشحون بالزيت الحار، يبحث الناسُ عن الربان، وفي عواصف الدخان والتضليل والتطبيل، تأتي كلمة التحرير مثل القنديل في بحر الظلمات، صغيرة، تكاد تنطفئ من الرياح، ولكنها مشعة لأنها الباحثة عن الحقيقة الموضوعية، وقراءة الواقع بالعلم وليس بالعاطفة الحارقة، وهي التحرير بنصائحها التي توجه التنظيمات لكي تترك انتفاخاتها وتغدو صغيرة صلبة تشق سكاكين القمع البريطاني الاستعماري أثناء العمل السري، وتدعو للنضال من أجل التحرر والوصول للديمقراطية وصنع الدستور وتأسيس النقابات، والمشاركة في الانتخابات وعدم المقاطعة، وعدم تفجير التجربة السياسية الغضة والانزلاق مع القوى المعادية لنمو الديمقراطية!
وهي التي ترفض استيراد المخططات السياسية من الخارج وتدين الاغتيالات وغزو دولة شقيقة جارة، وتبحث عن المصالح الوطنية وتشكل خطَ تغييرٍ مناسب لظروف الخليج والجزيرة العربية، حيث كميات كبيرة من الأمية والجهل ومن بحيرات الزيت والغاز، المشحونة للخارج، وحيث البعض يكدس المليارات ويشتري الجزر والشركات الكبرى في الغرب والشرق، ويترك أزقتنا وقرانا بلا شوارع مبلطة وبلا مصابيح وبلا بيوت تصمد للزمن وكثرة العيال!
وتزداد المواقف السياسية تعقيداً وتفجيراً في جسمنا الوطني، ويريدُ أناسٌ أخذنا إلى مسلخة طالبان، وآخرون إلى حمامات الدم في إيران ولبنان، وإعادتنا لعصر الحريم وتكميم الأفواه والعقول، وليس ثمة يسار صامد عظامه الفكرية من الصلب الصوان غيرنا، وعبر كلمات قليلة تقال، وبرنامج وسواعد كثيرة تنزل إلى النضال السياسي العام، يتشكلُ مجرى سياسيٌ جديد، وتبدأ الفسيفساءُ السياسية تمضي معنا، ومن هنا تزدادُ الحرقة من جهة، وتزاد الأعباء الجسام من جهةٍ أخرى!
إن مقاومة المشروعات الطائفية والشمولية الحكومية تتطلب كما كان النضال الأول مزيداً من العقل والعلوم والإرادة السياسية المتجهة للجمهور، مزيداً من التجذر في هويتنا البحرينية والعربية والإسلامية والإنسانية، وترك النخبوية والنزول للشوارع نحو مشروعات الخلايا وديمقراطية النقابات وقراءة الكتب وصنع الأفلام والمسرحيات والأبحاث، فثمة كسل وشحم كبير في أجسادنا، وليس ثمة شيء يزيل الأورام مثل النضال البرلماني المستمر لعقود، نحو جعل طبقاتنا الشعبية العمالية تغدو القوة الاجتماعية الأساسية المؤثرة في صناديق الاقتراع، وبحيث نوجه رأسمالية الدولة الحكومية الشمولية إلى أن تكون رأسمالية دولة ديمقراطية تصبُ الفائضَ الاقتصادي على البيوت الفقيرة والمدارس والصحة ولمزيد من التطوير الصناعي المكثف والعلمي وليس من أجل استيراد المصانع الملوثة للبيئة والناشرة للأمراض الوخيمة.
عقل التحرير يتحرك الآن في عالم الحداثة والعولمة والتركيب، ولحلول مبتكرة لقضايا الوطن والناس.
30/11/2006