يعبر (الطفوليون) السياسيون عن فقدان البصيرة الموضوعية، وتحكم مشاعرهم الحادة في سلوكهم، ويمثلون فرصة للاتجاهات المضادة في استغلال أعمالهم لتضييع الأهداف الحقيقية للناس.
وفى حين تمثل الاتجاهات الصبورة والعقلانية والانتقادية العاملة بمثابرة وبأشكال دستورية وقانونية، تحدياً حقيقياً لكل جماعة متكلسة، فإن الطفوليين يقدمون أفضل الخدمات لهذه القوى من مواقع تطرفهم وحماسهم العنيف.
إن الهجوم على شخصيات مسئولة وسياسية عامة بلغة وصور شخصية مقرفة وفردية، هي إساءة للنضال السياسي ومعانيه، فهي تلغي بهذه الشخصيات العامة المحترمة في مواقف مضادة، وتحول الاختلاف معها إلى معركة شخصية نارية وعاطفية تدفعها إلى مزيد من المواقف غير الموضوعية.
إن الساسة الطفوليين يفتقدون هنا إلى القدرة على تشريح وتحليل ورصد مواقف هذه الشخصيات، فإذا كانوا يمتلكون أية تحليلات حقيقية لمواقف هذه الشخصيات كانوا قد كتبوها بلغة موضوعية هادفة.
ولكن هم بأساليبهم هذه الشخصية التجريحية المغرضة جعلوها في محل التعاطف العام، كما تعرضوا هم أنفسهم للمساءلة القانونية، والنقد الاجتماعي والرفض الوطني! إن التصرفات الغوغائية هنا تضر التيارات التي تكون نفسها بصبر بين الجمهور، والتي تريد تحقيق إصلاحات حقيقية للجمهور عبر المؤسسات العامة، وهذه الإصلاحات لن تأتى إلا من خلال الدخول فى مختلف الأطر البرلمانية والبلدية والنقابية والصحفية والاجتماعية لكي تجعل من أهدافها مقبولة للمجتمع.
إن نفاد الصبر هنا، واستخدام اللغة النابية الشخصية تعبر عن العجز عن الفعل السياسي الناضج، واستخدام أساليب مضرة وغير مثمرة، تؤدي إلى المزيد من المشكلات.
وهذا ما قامت به التيارات الطفولية عبر تاريخنا السياسى من تهجمات شخصية ومن طرح أساليب نضالية غير معقولة، وإعادتنا للوراء دائماً، في حين كانت الصفوف تتجمع والطاقات تشحذ.
إن التحدي الأكبر لهؤلاء هو العمل داخل الأطر الممكنة، وتجميع صفوف الناس، وخلق تعاون واسع بين المجموعات السياسية على مختلف أشكالها، تحقيقاً؛ لإحداث تحولات ملموسة في حياة الجمهور ولمطالبه.
إن نفاد الصبر لدى مجموعات معينة، تستدعي من الجماعات المرنة والعقلانية تقليل الأضرار ما أمكن وتفويت الفرص على المتصيدين في الماء العكر، وعزل ومحاصرة هذه المجموعات الطفولية وترشيد خطواتها السياسية، فليست هي بأعدادها القليلة وحدها المعبرة عن الجمهور.
وهذه الأخطاء من جهة أخرى فرصة لتشكيل قيادات سياسية مغايرة مسئولة ودقيقة ونافذة في الحياة ومشكلاتها، بحيث تعبر عن ما هو موضوعي وعام، ومجمع للصفوف، وموحد للوطن، وليس ما هو ناشز وفردي ويعبر عن خصومات وأحقاد شخصية ليس ميدان العمل السياسي الوطني هو مكان تفريغها. إن شخصيات ناقدة وطنية ومعها حشود من الأرقام والحيثيات والأدلة وبرامج العمل الجديدة والمشروعات، هي التي يحتاجها العمل السياسي والبرلماني بدرجة خاصة، ولا نحتاج لشخصيات ليس لديها سوى الشتائم والسباب!
