
عبـــــــدالله خلــــــــيفة كاتب بحريني كبير مارس الأشكال الإبداعية والصحفية كافة, وذاق تجربة السجن, التي لم تمنعه من الكتابة, وهو في سبيل إنجاز مشروع للرواية التاريخية, يختلف كثيرا عما كتب في هذا الاتجاه, وكانت روايته عمر بن الخطاب شهيدا علامة في هذا الطريق.أنجز خليفة حوالي سبع مجموعات قصصية منها دهشة الساحر وجنون النخيل وخمس عشرة رواية منها رأس الحسين وعمر بن الخطاب شهيدا وعثمان بن عفان شهيدا ونشيد البحر إضافة إلي دراساته النقدية مثل نجيب محفوظ من الرواية التاريخية إلي الرواية الفلسفية.
إلي نص الحوار مع عبـــــــدالله خلــــــــيفة .
* تمارس كتابة أكثر من نوع أدبي.. ألا يأتي هذا علي حساب القيمة؟
العملية تاريخية بسبب عملي بالصحافة, فكنت أقوم بعرض الكتب وتحليلها سواء كانت قصة أم رواية أم في النقد والفكر علي مدي ثلاثين عاما وأكثر, ما أدي إلي تشربي بكل هذه الأنواع الإبداعية خصوصا أنها متداخلة, لكني بدأت الكتابة بالقصة القصيرة منذ نهاية السبعينيات وواصلت الكتابة فيها, وفي النصف الثاني من السبعينيات وأوائل الثمانينيات حاولت أن أتجذر في الرواية, وجاءت فترة التسعينيات لأتعمق في الواقع العربي الإسلامي بحيث أفهم تطور التاريخ وأكتب الرواية التاريخية التي هي جزء من الرواية المعاصرة.
* ماذا فعلت بك تجربة السجن.. كإنسان ومبدع؟
◈ تجربة السجن خصبة بالنسبة لي رغم أنها عنيفة ومؤلمة من حيث الاقتراب العميق من الإنسان, بحيث تعيش مع بشر بشكل يومي وتتعرف علي خبايا أنفسهم, ومن هنا أعطتني هذه الفترة فكرة كبيرة لفهم البشر, كما جعلتني أقرأ كثيرا من المجلدات في شتي أنواع المعارف, وأصبحت تجربتي أميل إلي السرد الواقعي المباشر.
* هل أصبحت الرواية ديوان العرب؟
◈ كان الشعر هو الفن الأول عند العرب قديما, لأن معظمه كان مدحا للملوك والقوي السائدة, حيث يرتزق الشعراء منه, في العصر الحديث أصبحت الرواية تستولي علي المشهد الثقافي وبقي الشعر, لكنه لم يستطع أن يعبر إلي نقد الحياة أو يغوص في جوانبها, بعد أن أزاحته الرواية للمرتبة الثانية.
* وكيف تكون الحركة الأدبية والنقدية في البحرين؟
◈ الحركة الأدبية والنقدية في البحرين متطورة ووثابة باستمرار وهناك عشرات الكتب التي تصدر كل عدة أشهر في مختلف جوانب الأدب والنقد خلال الثلاثين سنة السابقة, وحدث تطور كبير في البنية الإبداعية, بحيث إنها استطاعت أن تجمع بين تجربتها المحلية وإنجازات الأدب العربي في الأقطار الأخري, وظهرت رموز استطاعت أن تصل إلي مستوي العديد من الدول العربية سواء علي مستوي الشعر أم الدراسة الفكرية والنقدية, ولكن هناك إشكاليات حدثت في العقود الأخيرة بسبب عمليات القهر السياسي والإغراء المادي.
* وماذا عن تجربتك مع رواية عمر بن الخطاب شهيدا؟
◈ هذه الرواية جاءت ضمن سلسلة عن الشخصيات الإسلامية الكبيرة بعد تلك القراءات التي توجهت إلي فحص التراث العربي,فرواية’ عمر بن الخطاب شهيدا’ هي تجربة أولي في الرواية التاريخية وهي صعبة, واعتمدت فيها علي المصادر التاريخية دون الخروج عن تفاصيلها وكتبتها بأسلوب أدبي, لأن الرواية تبجل شخصية عمر بن الخطاب وتظهره بطلا تاريخيا.
* وهل توجد حدود أو خطوط حمراء للمبدع يجب عليه ألا يتخطاها؟
◈ الأدب العربي خاض مسألة الكتابة عن رموز الإسلام, فكتب توفيق الحكيم عن’ محمد’ صلي الله عليه وسلم, وهناك كتاب آخرون وكذلك أفلام تناولت الصحابة وظهر بعضهم فيها مثل’ بلال’, والقضية هل المقصود الإساءة إلي هذه الرموز أم تقديمها في شكل جيد؟
* هل هناك قيود علي النشر والإبداع في البحرين؟
◈ القيود الموجودة في كل بلد هي عدم التطرق للرموز, وأجهزة الإعلام والصحافة تتجنب التوجه إلي تحليل عميق للسلطة والنظام عموما, فتجدين أن صحافتنا سطحية بشكل عام وتفتقد العمق فيلجأ بعض الشباب إلي المواقع الإلكترونية ويقومون بكتابة المقالات الجادة التي تقوم الحكومة بإغلاقها, ولا توجد لدينا صحافة خاصة بل صحافة قريبة من الحكومة أو معبرة عن رسالتها.
* نشأت في المملكة العربية السعودية.. فما تأثير ذلك عليك كمبدع؟
◈ أنتقل بين البحرين والسعودية, وعشت طفولتي في مدينة’ الخبر’ ولي أقارب بها وهي ذات بيوت صغيرة وراءها رمال لا أول لها ولا آخر, وتقوم الرمال من فترة إلي أخري بالهجوم علي هذه البيوت حتي تكاد تطمسها, فأخذت هذه المشاهد تجذبني للبحث في هذه الصحراء وأدبها, ففي العديد من القصص القصيرة أو معظم الروايات أهتم بالصحراء كمشهد مكاني وهناك قصة قصيرة لي عن رجلين أحدهما باحث عن الآثار والآخر صعلوك يقوم باختطاف التمثال الذي عثر عليه الأثاري ومشهد الصحراء يحيط بهما.
* بماذا أثرت الكتابة في الصحافة عليك كمبدع؟
◈ الصحافة كانت طريق العيش الوحيد, حيث كنت أعمل مدرسا ثم طردت من التدريس بسبب الخلاف علي المناهج, فلجأت إلي الصحافة وكانت الكتابات الصحفية أشبه ببلع’ الجوارب’ فقد كنت أعمل في التحقيقات, وهي تقتل الكاتب ولكنها طريقة للعيش كنت أحاول إجراء التحقيقات التي تتناول حياة الناس الفقراء والكادحين, وأقترب منهم لمعرفة تفاصيل مشاكلهم ومحاولة فهم نفسيتهم ومعاناتهم …).
أجرت الحوار جيهان محمود
الاهرام العربي 14/6/2008
عبـــــــدالله خلــــــــيفة : تجـربـة السجـن أفهمتنـي البـشـــر