عبـــــــدالله خلــــــــيفة ‏‏‏‏‏‏المثقف الوطني الملتزم

خسارتنا في أخبار الخليج، وخسارة الحياة الفكرية والثقافية في البحرين، برحيل الكاتب والأديب الكبير عبـــــــدالله خلــــــــيفة، ‏‏‏‏ خسارة فادحة.
الخسارة فادحة لأن عبـــــــدالله خلــــــــيفة ‏‏‏‏‏‏كان مثقفا ليس مثله كثيرون.
كان طوال حياته، وطوال سنوات عطائه، وفي كل ما كتب، نموذجا للمثقف الوطني الملتزم، فكرا وممارسة بقضايا الوطن، وبالهموم الانسانية العامة.
لم يكن في يوم من الأيام من مثقفي الأبراج العاجية المنغلقين على انفسهم بعيدا عن الواقع وهمومه وقضاياه، والذين ينشغلون بأمور لا علاقة لها بالواقع.
أعماله الروائية لم تكن منفصلة عن الواقع، بل كانت لصيقة به، شخوصا وأحداثا، وتدفع باتجاه تطويره وتغييره.
ونفس الأمر ينطبق على كل كتاباته الصحفية واسهاماته الفكرية.
كان عبـــــــدالله خلــــــــيفة ‏‏‏‏‏‏من المؤمنين بقدرة الأفكار والمواقف الفكرية على تغيير الواقع، نحو الأفضل أو نحو الأسوأ. كان من المؤمنين بأن الأفكار قد تدفع الدول والمجتمعات إلى الأمام، وقد تكرس تخلفها.
والمتابع للأفكار والرؤى التي تبناها عبـــــــدالله خلــــــــيفة ‏‏‏‏‏‏ودافع عنها بقوة في كل أعماله وكتاباته سوف يجد انها تدور حول فكرتين جوهريتين، التقدم والتنوير. التقدم بمعناه التقدمي الانساني العام الذي جوهره العدل وإنصاف البسطاء. والتنوير بمعنى التجديد الفكري وتحدي الأفكار الجامدة الثابتة التي لا يمكن ان تصنع تقدما أو تعين عليه.
ولهذا، نجد انه في كل كتاباته تقريبا كان مهموما بالمراجعة النقدية للأفكار، سواء في ذلك الأفكار القديمة الراسخة، أو الحديثة الشائعة، وبتقديم رؤى وأفكار جديدة.
كان يفعل هذا، وفي ذهنه دوما وفي صلب قناعاته، إننا بحاجة إلى عصر جديد من التنوير الفكري والسياسي، القائم على ترسيخ الأفكار والرؤى التقدمية المتفتحة التي تمهد الطريق امام ما ننشده من تقدم وعدل واجتماعي ونهضة لدولنا ومجتمعاتنا.
ومثقف هذا شأنه، كان من الطبيعي ان تكون له مواقفه الوطنية الواضحة مما تشهده البلاد من تطورات وأحداث. في السنوات القليلة الماضية، وفي ظل الأوضاع الصعبة التي شهدتها البحرين، لم يتردد في رفض الطائفية، وفي نقد القوى الطائفية في الفكر وفي الممارسة. ولم يتردد في نفس الوقت في توجيه الانتقادات إلى ما اعتبره انحرافا في رؤية وممارسة بعض القوى التقدمية التي انتمى هو شخصيا اليها. كما لم يتردد في التنبيه إلى سلبيات وأوجه قصور عامة في الحياة السياسية وفي المجتمع والدعوة إلى إصلاحها.
هذا على مستوى الإسهام الفكري والأدبي.
أما على المستوى الإنساني، فقد كان عبـــــــدالله خلــــــــيفة ‏‏‏‏‏‏نموذجا إنسانيا فريدا.
كل من عرفه عن قرب، يعرف ما كان يتحلى به من تواضع جم، ومن بساطة وطيبة.
وقدم عبـــــــدالله خلــــــــيفة ‏‏‏‏‏‏نموذجا إنسانيا فريدا للدأب والإصرار والعمل الجاد المنتج المتواصل.
حياته كلها تقريبا كرسها في العمل والإنتاج. وكانت المحصلة هذا الإرث الكبير الذي خلفه من الأعمال الروائية والفكرية والكتابات النقدية.
لكل هذا الذي ذكرت، فإن خسارتنا فادحة حقا برحيل الكاتب الكبير عبـــــــدالله خلــــــــيفة ‏‏‏‏‏.
لكن العزاء هن ان الأفكار لا تموت، والرؤى الوطنية لا تموت، والإبداع لا يموت.
وما خلفه عبـــــــدالله خلــــــــيفة ‏‏‏‏‏‏من إرث أدبي وفكري، سوف يبقى دوما رصيدا تعتز به البحرين وتفتخر. وسوف يظل من دون شك مصدر الهام لأجيال جديدة في مجالات الأدب والفكر والكتابة.
ومسئولية الدولة والجهات المعنية هي ان تحفظ هذا الإرث، وان تعيد نشر إسهامات عبـــــــدالله خلــــــــيفة، ‏‏‏‏‏‏ وان تنشر الكثير الذي خلفه ولم ينشر بعد.
رحم الله الكاتب الكبير وادخله فسيح جناته جزاء ما قدمه للوطن من حب وإخلاص وفكر وعمل وجهد.
السيد زهره
٢٣ أكتوبر ٢٠١٤
عبدالله لخيفة في ندوة اللجنة الثقافية بقسم اللغة العربية والدراسات الاسلامية بجامعة البحرين 3-4-2007

فكرة واحدة بشأن “عبـــــــدالله خلــــــــيفة ‏‏‏‏‏‏المثقف الوطني الملتزم

اترك رداً على Abdullah Khalifa إلغاء الرد