عبـــــــدالله خلــــــــيفة.. وداعاً

22

فقدت الحركة الثقافية والأدبية في البحرين ومنطقة الخليج العربي واحداً من أبرز وجوهها، برحيل الأديب البحريني عبـــــــدالله خلــــــــيفة، فهو أحد أبرز رواد الرواية في بلاده وفي المنطقة، كما كان قبل ذلك أحد أبرز كتاب القصة القصيرة وأغزرهم إنتاجاً.
وإضافة إلى عطائه الابداعي فإن لــعبـــــــدالله خلــــــــيفة انشغالات نقدية على النصوص السردية سواء في المنطقة أو حتى على الصعيد العربي، وشارك في الملتقيات الأدبية التي تقام في البحرين ودولة الامارات والكويت والقاهرة وغيرها بدراسات مهمة حول المشهد الروائي في منطقة الخليج.
في مرحلة لاحقة من نضجه الفكري انهمك عبـــــــدالله خلــــــــيفة في دراسات معمقة في التراث العربي الاسلامي، كان من حصيلتها بحثه الموسوعي عن الاتجاهات المثالية في الفلسفة العربية الاسلامية، كما استوحى أعمالاً روائية من سيرة شخصيات بارزة في التاريخ الاسلامي.
يشكل عبـــــــدالله خلــــــــيفة نموذجاً نادراً بين أقرانه من حيث انصرافه الكلي للبحث والقراءة، وقد تجلى ذلك في غزارة إنتاجه في حقول الابداع والبحث، وعلى الرغم من العدد الكبير لرواياته ومجموعاته القصصية وأبحاثه المنشورة في كتب، فإن هناك الكثير من المخطوطات التي أنجزها مازالت تنتظر أن تنشر. ومع دأبه وجهده ومثابرته في الانتاج فإنه حبذَّ أن يكون بعيداً عن الأضواء، وجنح إلى العزلة*.
كانت الكتابة في الصحافة مصدر رزقه الوحيد، ولكنه جعل من عموده اليومي في جريدة ‹‹أخبار الخليج›› منبراً للفكر التنويري ومقارعة أوجه الزيف في حياتنا العامة، وفي تبني قضايا الناس، معملاً ما يمتلكه من أدوات معرفية في نقد البنى المحافظة المعيقة للتقدم، والمشوهة لأوجه الحراك السياسي والمجتمعي. وعُرف بروحه السجالية في تناوله للقضايا الأدبية والفكرية، لكن حتى المختلفين معه يقدرون ما هو عليه من تأسيس معرفي مكين.
خلال مسيرته في العطاء منذ أكثر من نصف قرن، اقترنت الكتابة عند عبـــــــدالله خلــــــــيفة بشجاعة الموقف، وبالممارسة الحياتية، وفي العمل على بناء مؤسسات المجتمع المدني وتفعيلها من موقعه كأديب، ومن خلال دوره في أسرة الأدباء والكتاب التي يعد الراحل أبرز وجوهها، الذين ساهموا في التأصيل لمفاهيم الحداثة الأدبية والفكرية، وفي تفاعل الأدب والثقافة مع التحولات المجتمعية.
في سيرة عبـــــــدالله خلــــــــيفة نجد ما يمكن ان نعده شجاعة الرواد في اقتحام الدروب غير المطروقة، وفي الثبات على الموقف، والقبض على جمرة الحقيقة مهما كانت حارقة.
بقلم: د. حسن مدن
اخبار الخليج
تاريخ النشر :٢٥ أكتوبر ٢٠١٤

* أي مبتعد عن السلطة ومثقفيها الرسميين وشبه الرسميين (مشرف الصفحة)

أضف تعليق